News Space
arrow-left
To space news

انطلاق مارس 2020: عربة ومروحية من ناسا للبحث عن الحياة على المريخ

تعرفوا على المهمة الحيوية الفلكية الأولى إلى المريخ منذ 1976 وأول مروحية خارج الكرة الأرضية

عوديد كرميلي
29.07.2020
تجسيد لمروحية انجنيويتي خلال العمل. مركبة الطيران الأولى خارج الكرة الأرضية. الصورة من: NASA/JPL-Caltech
تجسيد لمروحية انجنيويتي خلال العمل. مركبة الطيران الأولى خارج الكرة الأرضية. الصورة من: NASA/JPL-Caltech

 

 

إنطلاق المهمة مارس 2020 التابعة لناسا: اليوم (الخميس، 30 تموز)، في الساعة 14:50 (بتوقيت إسرائيل)، ستحاول وكالة الفضاء الأمريكية إطلاق عربة جديدة تسمى "برسفيرنس" (Perseverance، "المثابرة") ومروحية هي الأولى من نوعها "انجنيويتي" (Ingenuity، "البراعة") إلى الكوكب الأحمر. ستنطلق العربة والمروحية على ظهر صاروخ ثقيل من نوع أطلس 5 – وهو نفس الصاروخ الذي استخدم في الماضي لإطلاق مركبة الهبوط انسايت (InSight، "البصيرة") والعربة كيوريوسيتي (Curiosity، "الفضول").

 

 

 

شاهدوا عملية الإطلاق:

 

ستتاح فرصة إطلاق المهمة مارس 2020 في 30 تموز وتنتهي في 15 آب. بسبب المسافة الكبيرة بين الكوكبين، يتم إطلاق المهمات إلى المريخ ضمن نوافذ زمنية قصيرة جداً تتاح مرة كل سنتين. مهمة مارس 2020 التابعة لناسا هي المهمة الثالثة التي يتم إطلاقها إلى المريخ خلال صيف 2020، بعد إطلاق مركبة الأمل التابعة للإمارات العربية المتحدة في 20 تموز، والمهمة الصينية تيانون 1 ("أسئلة سماوية")، والتي شملت مركبة مدارية، ومركبة هبوط وعربة، في 23 تموز.

 

على الرغم مما يحيط بالمهمتين العربية والصينية إلى المريخ من إثارة، إلا أن جميع العيون موجهة صوب مارس 2020 التابعة لناسا، وهي المهمة الحيوية الفلكية الأولى التي تنطلق نحو المريخ منذ 1976 منذ إطلاق مركبتي فايكنغ 1 و 2 عام 1976. الهدف المعلن لمارس 2020 هو تأكيد أو نفي وجود حياة على المريخ، في الماضي أو في الحاضر.

 

PIA21635-br2.jpg

تجسيد للعربة برسفيرنس على سطح المريخ. صورة من: NASA
تجسيد للعربة برسفيرنس على سطح المريخ. صورة من: NASA

 

حياة على المريخ؟ الإجابة في البحيرة

إذا سارت الأمور كما يجب، ستهبط العربة برسفيرنس في الثامن عشر من شباط 2021 في موقع فريد من نوعه يسمى فوهة جيزرو، والتي يبلغ قطرها نحو 50 كم. في عام 2007 لاحظت المركبة المدارية لاستكشاف المريخ التابعة لناسا، أو MRO، رواسب صلصالية في فوهة البركان. هنا على الكرة الأرضية، تتكون هذه الرواسب نتيجة التجوية المائية. منذ ذلك الحين تم جمع أدلة أخرى تؤكد أن الفوهة كانت في السابق بحيرة بعمق 250 متراً، ولذلك حظيت بإسم جيزرو (البحيرة) باللغات السلافية.

24729_PIA23518-Mars-landing-sites-web.jpg

خريطة لجميع مواقع هبوط المركبات الفضائية والعربات التابعة لناسا على المريخ حتى اليوم، مع برسفرنس باللون الأبيض. الصورة من: NASA/JPL-Caltech
خريطة لجميع مواقع هبوط المركبات الفضائية والعربات التابعة لناسا على المريخ حتى اليوم، مع برسفرنس باللون الأبيض. الصورة من: NASA/JPL-Caltech

 

فوهة البركان نفسها نشأت نتيجة اصطدام كويكب، ولكن في الماضي الدافئ والرطب للمريخ – امتلأت الفوهة بالماء. ستدرس العربة الممران اللذان نشئا من نهرين قديمين قادا المياه إلى البحيرة من الشمال والغرب، وإذا افترضنا إنه كانت هناك حياة عضوية أو مجهرية على وجه الكوكب - سواء في البحيرة نفسها أو على ضفاف الأنهار التي أدت إلى البحيرة، فربما تم الاحتفاظ بها في الصلصال على شكل أحافير. كما في الأحافير التي نجدها على كوكب الأرض، إذ ربما تكون قد تجمعت في قاع البحيرة ثم طمرها الطين.

 

بحسب دراسة أجرتها جامعة براون عام 2015، امتلأت البحيرة بالماء مرتين على الأقل عبر تاريخ المريخ.  جفت البحيرة نهائياً قبل 3.5 إلى 3.9 مليار سنة. الهدف الأساس للعربة الفضائية برسفيرنس هو فحص رواسب الطين والبحث فيها عن أحافير مجهرية. لذلك يفترض العلماء بأنه لو كانت هناك حياة ميكروسكوبية على المريخ في ذلك الحين، فإن بقاياها ستكون قد حفظت في الطين.

 

898px-260184-JezeroCrater-Delta-Full.jpg

الدلتا المتدفقة نحو البحيرة من اليمين. يمكن رؤية التغييرات الكيميائية على تكوين التربة والتي تسببت بها التجوية المائية. باللون الأخضر: الصلصال المثير للاهتمام. الصورة من NASA/JPL/JHU-APL/MSSS/Brown University
الدلتا المتدفقة نحو البحيرة من اليمين. يمكن رؤية التغييرات الكيميائية على تكوين التربة والتي تسببت بها التجوية المائية. باللون الأخضر: الصلصال المثير للاهتمام. الصورة من NASA/JPL/JHU-APL/MSSS/Brown University

 

640px-PIA22907-Mars-LakeJezero-ArtistConcept-20181213.jpg

הדמיה של מכתש ג'זרו בימים יפים ורטובים יותר. קרדיט: NASA/JPL-Caltech/University of Arizona
הדמיה של מכתש ג'זרו בימים יפים ורטובים יותר. קרדיט: NASA/JPL-Caltech/University of Arizona

 

 

تشمل العربة الثقيلة، والتي يبلغ وزنها 899 كغم، ذراعاً ذي خمسة مفاصل بطول 2.1 متر، يسمح لها باختراق رواسب الصلصال – وباستخدام رادار تحت أرضي يمكنها معرفة أماكن وجود الرواسب المهمة من ناحية جيولوجية تحت السطح. ما لا يقل عن 23 كاميرا من أنواع مختلفة، بما فيها كاميرا بالأشعة السينية وأشعة فوق بنفسجية (UV)، ستساعد برسفيرنس في التعرف على الآثار البيولوجية مثل المركبات العضوية في الصلصال.

 

 

كما ستحصل العربة على مساعدة إضافية وغير متوقعة من المروحية الآلية انجنيوتي. وهي المركبة الطائرة الأولى في التاريخ التي ستعمل خارج الكرة الأرضية. تعمل المروحية الصغيرة بمجموعتين من شفرات الذيل (راوتر) واحدة فوق الأخرى وباتجاه معاكس، بقطر 1.1 متر لكل منهما من أجل الارتفاع في الغلاف الجوي الرقيق للمريخ، والذي يساوي 1% فقط من حجم الغلاف الجوي للكرة الأرضية. هذا الغلاف الجوي الخفيف يشبه الغلاف الجوي على ارتفاع نحو 30 كم في الكرة الأرضية. فيما بلغت النقطة الأعلى التي وصلت إليها أي مروحية على الإطلاق نصف هذا الارتفاع. من أجل ذلك توجب على ناسا اختراع المروحية من جديد، بوزن لا يزيد عن 1.8 كغم (وزن حاسوب محمول متوسط) وشفرات تدور بسرعة غير عادية تسمح بدفع الهواء قليل الكثافة نحو الأسفل. من أجل المقارنة، يمكن لشفرات انجنيويتي أن تصل إلى 2900 دورة في الدقيقة، مقارنة بنحو 500 دورة في الدقيقة للمروحيات العادية على الكرة الأرضية.

 

 

640px-PIA23882-MarsHelicopterIngenuity-20200429_(trsp).png

تمتلك انجنيويتي مجموعتي شفرات متعاكسان. الصورة من: NASA/JPL-Caltech
تمتلك انجنيويتي مجموعتي شفرات متعاكسان. الصورة من: NASA/JPL-Caltech


 

 

الهدف الرئيس لانجنيوتي سيكون إثبات أنه يمكن بالفعل استعمال المروحيات من أجل مسح سطح المريخ. بشكل عام، يمكن لمروحيات مثل انجنيويتي أن تصور السطح بدقة أفضل بعشر مرات من الأقمار الصناعية التي تدور حول الكوكب الأحمر. ولكن إضافة إلى إثبات قدرتها، فإنها ستساعد أيضاً العربة الفضائية في اكتشاف المواقع التي لا تلتقطها كاميراتها، مثل الرواسب الغريبة خلف الصخور الكبيرة. في المجمل، ستعمل المروحية لمدة 30 يوماً، ستنفذ خلالها خمس طلعات. ومن المتوقع أن تستغرق كل طلعة أقل من 3 دقائق، ترتفع فيها المروحية حتى 10 أمتار فوق السطح.

 

إعادة العينات من المريخ إلى الكرة الأرضية

 

في عام 1976، التقطت مركبتا فايكنغ حفنات من التربة، وسخنتها لاكثر من 500 درجة وحللت الأبخرة على أمل اكتشاف بقايا كائنات مجهرية. النتائج لم تكن حاسمة وبقيت التجربة مصدر خلاف حتى يومنا هذا. ولكن في 1996 أعلن الرئيس بيل كلينتون من حديقة البيت الأبيض أنه قد عُثر على نيزك من المريخ يحتوي على ما يبدو على أحافير لبكتيريا من المريخ. بالنظر إلى الوراء تبين أن المؤتمر الصحفي كان سابقاً لأوانه: لا يوجد حتى الآن اتفاق بين جمهور العلماء حول مسألة إن كانت الشقوق الدقيقة في النيازك القديمة هي أحافير لحياة مجهرية من المريخ، أم تلوث من بكتيريا أرضية، أو تشكيل جيولوجي طبيعي. 

 

 

هذه المرة، لن تطلق ناسا على الأغلب أية تصريحات درامية – حتى لو وجدت أحافير على المريخ. في الواقع، ستقوم العربة برسفيرنس بتغليف كل اكتشاف مهم لمهمة مستقبلية تعيد العينات المثيرة للتحليل الشامل على الكرة الأرضية. إذا تم ذلك كما هو مخطط له، فإن مهمة مشتركة لوكالتي الفضائية الأمريكية والأوروبية ستنطلق نحو المريخ في عام 2026، وستهبط في فوهة جيزرو عام 2028، وستجمع العينات وتحضرها إلى الكرة الأرضية عام 2032. من المتوقع أن تستمر برسفيرنس في العمل لمدة 14 سنة على الأقل، بحيث يمكنها مساعدة المهمة المستقبلية في جمع العينات التي غلفتها وإحضارها إلى الصاروخ.