News Space
arrow-left
To space news

التلسكوب "هابل" يكتشف جسماً غير معروف في النظام الشمسي

كويكب أم مذنب؟ لا هذا ولا ذاك. 288P هو دوامة بين جسمين يتصرفان بشكل لم يعرف له العلم مثيلاً.

د. يغال بات ايل
26.09.2017
لا يزال النظام الشمسي يفاجئنا حتى بعد مئات السنين من دراسة الفلك | رسم من العام 1456 لمذنبات تمت ملاحظتها في إحدى ليالي شهر تموز
لا يزال النظام الشمسي يفاجئنا حتى بعد مئات السنين من دراسة الفلك | رسم من العام 1456 لمذنبات تمت ملاحظتها في إحدى ليالي شهر تموز
اكتشف علماء الفلك جسماً جديداً في نظامنا الشمسي لم يروا مثله من قبل: وهو يبدو ككويكبان يدور احدهما حول الآخر كالأقمار ولكنهما يطلقان خلفهما مواداً في الفضاء مثل المذنبات. هذا الزوج الذي أطلق عليه اسم 288P، هو الأول من نوعه الذي يتم اكتشافه في نظامنا الشمسي.
 
يضم نظامنا الشمسي أنواع متعددة ومختلفة من الأجسام المعروفة للعلم؛ إضافة إلى الشمس والكواكب التي تدور حوله، فهناك أجسام اصغر مثل الكواكب القزمة، والكويكبات والمذنبات، والأخيرة هي في الواقع قطع جليدية ملوثة بالغبار. وهكذا فقد أصبحت جميع أنواع الأجرام السماوية في نظامنا الشمسي معروفة. وفي الواقع، منذ اكتشاف الأجسام في حزام كايبر في الثمانينيات، لم يتم اكتشاف أية أجرام سماوية جديدة. ورغم أن علماء الفلك قد لاحظوا في السابق كويكبات لها أقمار صغيرة تدور حولها، لكن 288P هو حالة مختلفة، فهو عبارة عن زوج من الكويكبات متماثل في الحجم يدوران حول بعضهما البعض، ويتصرفان بشكل لم يلاحظ من قبل في الكويكبات. وقد أثار هذا الاكتشاف تساؤلات عديدة من بينها: لماذا لم نلاحظ أجساماً كهذه في الماضي. هل لأنها نادرة جداً. أم أنها ليست بهذه الندرة وتظهر بوتيرة أعلى نسبياً، ولكن العلماء لاحظوها صدفة في اللحظة المناسبة.
 
 
زوج من الكويكبات يدوران حول بعضهما البعض في دائرة ويتركان خلفهما ذيلاً كما تفعل المذنبات | رسم: ESA/ Hubble/ L. Calçada.
زوج من الكويكبات يدوران حول بعضهما البعض في دائرة ويتركان خلفهما ذيلاً كما تفعل المذنبات | رسم: ESA/ Hubble/ L. Calçada.
 
اكتُشف الجسم الجديد لأول مرة عام 2011 من قبل مجموعة من العلماء الألمان، بقيادة البروفيسور جسيكا اورغويل، من معهد ماكس فلانك. لاحظ الطاقم كويكباً يقع في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، ويتصرف مثل المذنب. الكويكبات هي أجسام تتكون في الأساس من مواد صلبة مثل الصخور والمعادن، بعكس المذنبات التي تتكون من الجليد. لذلك عندما يقترب المذنب من الشمس، يتبخر الجليد ويطلق خلفه الغبار الذي كان محجوزاً داخل الجليد – ويظهر حينها ذيل المذنب الجميل المكون من الغبار. في المقابل تبقى الكويكبات خاملة، حتى عند اقترابها من الشمس.
 
من أجل فهم الجسم الجديد والغريب بشكل أفضل، انتظر طاقم علماء الفلك اللحظة التي تكون فيها المسافة بين الجسم والكرة الأرضية أقصر ما يكون، وفي أيلول 2016، عندما كان 288P على بعد 200 مليون كيلومتر من كوكب الأرض – وجهوا نحوه تلسكوب الفضاء هابل. صور التلسكوب هابل الجسم واكتشف أنه يتكون من جسمين: كويكبان صغيرين، يبلغ حجم كل منهما نحو كيلومتر واحد فقط، ويحومان الواحد حول الآخر على مسافة نحو 60 كيلومتراً. وقد نشر الاكتشاف الجديد في مجلة Nature.
 
 

 شاهدوا كيف يدور الكويكبان حول بعضهما البعض، بينما يطلقان ذيلاً مثل المذنبات | NASA, ESA, and J. Agarwal.

 

زواج غير مستقر

 
ماذا سيكون مستقبل هذه الزوج الغريب؟ هذا النظام الذي يتكون من كويكبان متساويان في الحجم هو أمر جديد في العلم – فنظام كهذا لن يكون مستقراً. يقدر الباحثون بأن هذان الكويكبان قد التقيا قبل عدة آلاف من السنين فقط، وربما كان ذلك نتيجة تصادم جسمين أو نتيجة تفكك جسم اكبر.  السبب الذي يدفع هذه الكويكبات لإطلاق مواد في الفضاء كما المذنبات غير واضح بما يكفي، ولكن بحسب التقديرات فإن إطلاق المواد مثل المحرك النفاث، سيقود في المستقبل إلى تباعد الجسمين عن بعضهما.
 
كل جسم سماوي يتم اكتشافه يدفع علماء الفلك في أنحاء العالم للبحث عن مزيد من هذه الأجسام، وبالفعل بدأ بعض العلماء بالبحث عن أزواج أخرى من الكويكبات في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري. يشكل حزام الكويكبات في العادة لغزاً علمياً مفتوحاً. فبحسب إحدى النظريات، فإن هذه الكويكبات هي شظايا عمرها من عمر النظام الشمسي ومصدرها هو نفس قرص الحطام والغازات الفلكي الذي كون بقية النظام، وأن حزام الكويكبات ما هو إلا كوكب آخر لم يتجمع بعد. أما النظرية المضادة، فتقول بأن حزام الكويكبات كان فارغاً في بدايات نشأة النظام الشمسي، ثم امتلأ بهذه الصخور مع مرور السنين، نتيجة تصادمات مختلفة. لذلك فإن تحديد عمر ومنشأ الكويكبات بشكل عام، وخصوصاً عمر ومنشأ نظام صغير ومزدوج من الكويكبات التي تتصرف كمذنبات، يمكنه أن يزودنا بإجابات مثيرة حول نشأة النظام الشمسي، وتكون الكواكب ومصدر المياه في الكرة الأرضية.
 
على أي حال، فإن الأمر الوحيد المؤكد هو أن هذا الاكتشاف الجديد يثبت لنا مرة أخرى أنه ما زال في جعبة نظامنا الشمسي الذي نعتقد بأننا نعرفه جيداً، المزيد من الأمور التي لم نكتشفها بعد.
 
 
 
فيلم كرتوني يظهر الكويكب المزدوج  288P، وكيف يبدو عن قرب مثل كويكبين، ويبدو عن بعد كمذنب واحد، حقوق الفيلم: ESA/Hubble, L. Calçada, M. Kornmesser