News Space
arrow-left
To space news

في مثل هذا اليوم قبل أربعين عاماً – إطلاق المهمة الأولى التي هبطت على المريخ

تال عنبار، غاليليو ووكالة الفضاء الإسرائيلية
20.08.2015
" سلفي مع المريخ" – كيوريوسيتي يصور نفسه | تصوير: NASA
" سلفي مع المريخ" – كيوريوسيتي يصور نفسه | تصوير: NASA
 
طالما أثار المريخ، رابع الكواكب بعداً عن الشمس، مخيلة وفضول البشر.
وفي الخمسين سنة الأخيرة أصبح أيضاً هدفاً أساسياً للأبحاث، وفي مثل هذا اليوم قبل 40 سنة تماماً، أطلقت ناساً المهمة "فايكنغ "1 وهي الأولى التي هبطت على سطحه. منذ ذلك الوقت، زارت العديد من مركبات البحث غير المأهولة الكوكب المثير للفضول والتقط له صوراً، وهبطت على سطحه ووضعت عليه روبوتات (وهي ما زالت تحوم على سطحه). وقد أرسلت روسيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، واليابان، ووكالة الفضاء الأوروبية والهند مركبات فضائية نحو المريخ، وتخطط دول أخرى لمهمات مستقبلية إلى هناك. في المستقبل سيأتي دور البشر كي يطئوا سطحه بأقدامهم ويجروا لأول مرة أبحاثهم على هذا الكوكب الغريب.
 
ولكن الوصول إلى المريخ هو مهمة صعبة جداً. تسع من المركبات العشر الأولى التي أطلقت نحو المريخ فشلت في إتمام الرحلة، وحتى اليوم فشلت 23 مهمة من مجموع 43 أطلقت نحو المريخ. ما الذي يدفع إذن جميع هذه الدول لترسل مركبات فضائية إلى المريخ؟ لماذا يتم استثمار كل هذه الجهود (والمبالغ المالية الطائلة) من أجل الحفر في صخور المريخ أو كشط بعض من طبقة الجليد في قطبه الشمالي؟ ما الذي أشعل خيال البشر فيه لآلاف السنين؟ لماذا أنتجت أفلام خيالية كثيرة عن غزو من المريخ أو اكتشافات خاصة تتعلق به؟
 

أين الماء؟

 
السبب الأساسي لاهتمام العلماء بالمريخ هو تشابهه مع كرتنا الأرضية. على الرغم من أن المريخ اصغر من الكرة الأرضية (قطره نحو نصف قطر الكرة الأرضية) وهو أبعد عن الشمس، ولكن سطحه يتشابه بشكل غريب مع مناطق معينة على سطح الكرة الأرضية. إضافة لذلك، كذلك لم يكن المريخ في الماضي البعيد جافاً تعصف به الرمال والغبار كما هو اليوم. ففي الماضي تدفقت على سطحه المياه، وربما سمحت الظروف حينها بوجود حياة فيه.
 
ولأن المريخ مر بالكثير من التقلبات والتغييرات القاسية على مر السنين، فإننا نبحث اليوم عن شواهد على ماضيه، وربما نجد أيضاً دلائل على أن حياة كانت عليه في فترة ما. لا تتوقعوا أن نجد بقايا أثرية لمباني أو قطع لآلات شيدتها مخلوقات ذكية. فالعلماء يركزون في بحثهم على مجرد أدلة على توفر ظروف سمحت بوجود حياة بسيطة على المريخ.
 
 
 
أثار الجليد التي اكتشفتها المركبة فينكس عام 2008. تصوير: NASA
أثار الجليد التي اكتشفتها المركبة فينكس عام 2008. تصوير: NASA
 
مهمة المركبات الفضائية والعربات الفضائية التي تتحرك على المريخ الآن تكللت بالنجاح، فقد أثبتت أن الماء تواجد على سطحه في الماضي وان تركيبة المواد في تربته وفي غلافها الجوي يمكنها أن تدعم وجود حياة، كالبكتيريا وأنواع من النباتات البسيطة. في عام 2008 صور المكوك فينكس جليداً بالفعل واكتشف أيضا ثلجاً يتساقط من غيوم في سمائه وكانت هذه اكتشافات مثيرة جداً. مع هذا، لم يعثر حتى الآن على ما يؤكد وجود أشكال من الحياة من أي نوع أو بقايا لأشكال حياتية سابقة من الماضي السحيق على كوكب المريخ.
 

السباق نحو المريخ؟

 
كما ذكرنا، أرسلت العديد من الدول مركبات فضائية لدراسة المريخ في السنوات الأخيرة. فايكنغ 1 كما قلنا كانت الأولى التي سارت على تراب المريخ، ولكن يوجد اليوم على سطح المريخ روبوتان أمريكيان آخران: الروبوت اوبورتيونيتي، والذي هبط في كانون الثاني 2004 وكسر الرقم القياسي لفايكنغ في المدة التي بقي فيها على المريخ، وكيوريوسيتي، والذي هبط هناك في صيف عام 2012. منذ مهمة الهبوط الأولى، حاول العلماء البحث عن شواهد على وجود حياة على المريخ. فايكنغ 1 احتوت على مختبر بيولوجي أجرى تجارب مختلفة لهذا الغرض. المهمة الأساسية لاوبورتيونيتي كانت البحث عن بقايا أحواض مائية كبيرة على المريخ – وقد تكللت المهمة بالنجاح. وكيوريوسيتي الأكبر حجماً، والذي هو فعلياً جيولوجي آلي، يقوم بفحص وتحليل تركيبة تربة المريخ ليسمح للباحثين بأن يفهموا بشكل أفضل تاريخ الكوكب خلال سنواته المليار. دمج المعطيات التي تجمعها هذه المعدات والمركبات الفضائية الأخرى يعطي صورة أوضح عن العمليات التي ربما سمحت في الماضي بوجود حياة على المريخ.
 
 
إطلاق فايكنغ 1  قبل 40 سنة. تصوير: NASA
إطلاق فايكنغ 1 قبل 40 سنة. تصوير: NASA
 
 
 
إضافة إلى المركبات على سطحه، تدور عدة مركبات بحث في مدار حول المريخ، على ارتفاع مئات الكيلومترات. تدور هذه المركبات حول المريخ منذ سنوات وهي مجهزة بمنظومة واسعة من وسائل الاستشعار عن بعد – بدءاً من الكاميرات وحتى الأجهزة الخاصة التي يمكنها تحليل تركيبة الغلاف الجوي للمريخ، وفحص الجليد في قطبيه وقياس رد فعل الغلاف الجوي على الجزيئات المشحونة التي تطلقها الشمس ("الرياح الشمسية").
ميزة المركبة التي تدور في مدار حول المريخ واضح: حيث يمكنها أن تغطي كامل سطح المريخ وتستمر بالقياس لفترات طويلة. ومع هذا لا يوجد بديل عن الوجود الفعلي على سطح الكوكب، ولذلك تدمج دراسات المريخ بين الهبوط على سطحه وبين المركبات التي تحوم حوله عن بعد.
 
في الصيف الأخير انضمت لقافلة دراسة المريخ مركبتان فضائيتان وصلتا إليه في نفس الوقت تقريباً – المركبة الأمريكية "مافين" (Maven) والمركبة الهندية موم (MOM). إذ نجحت الهند في إطلاق أول مركبة بحث فضائية من صنعها إلى المريخ ومن المحاولة الأولى، وهذا يعتبر انجازاً حقيقياً.
 
آخر المنضمين لسباق استكشاف المريخ هي الصين، والتي عرضت نموذجاً لمركبة هبوط على المريخ مجهزة بروبوت سيار – ومن المتوقع إطلاق هذه المركبة نحو المريخ عام 2020. إضافة إلى الصين، تبني وكالة الفضاء الأوروبية الروبوت "اكسومارس" – وهو روبوت بحثي متطور جداً، من المفترض أن يهبط على المريخ في 2018.